الشاعر ابو العلاء المعري
أبو العلاء المعري غريب في زمانه ، أعمى البصر متفتح البصيرة كبير الموهبة كبير المحنة في زمن كثير المحن ضعفت فيه خلافة بغداد وتقوت سلطة آل بويه ونشأت دولة الفاطميين في مصر ..
هذا هو الجو السياسي والاجتماعي العام الذي نشأ فيه أبو العلاء فالمعرة جزء مهم من الشام تجاور حلب وأهله السابقون – أجداده – قضاة حلب والمعرة وبيته بيت علم وأدب أمده مع غذاء الجسم بغذاء الفكر والروح ..
أبو العلاء لم يكن صاحب موهبة بسيطة فهو قبل كل شئ حافظ عجيب لكل ما يسمع وما يقرأ عليه من كتب وبسبب هذا الوعي وتلك الموهبة مع ثقل ظلام العمى تفجر الشعر من داخله بقوة فيها رفض وتساؤل وحيرة وعدم قناعة واستسلام لكل ماأعتاده الناس وألفوه ، وهكذا وجد شاعرنا نفسه يواجه منافسين وحساد – وتقليدين – يرفضون الجديد والتجديد وهؤلاء واجههم أبو العلاء في الشام وفي أثناء رحلته الى بغداد – التي أمضى فيها أقل من سنتين – وحين ضاقت به السبل انزوى في بيته لا يبرحه لأربعين سنه يفد اليه طلاب العلم ويملي على بعضهم شعره وما يريد كتابته وكان نتاجه الشعري غزيرا يضمـه ديـوان سقـط الزنـد واللزوميـات ونتاجـه النثــري يتوجه كتاب – رسالة الغفران – بالإضافة الى الكثير من كتب الأدب ...
وهكذا عاش أبو العلاء المعري أخر حياته رهين المحبسين البيت والعمى لكن فكره انطلق محلقا في كل الآفاق وفي كل الأزمان فلا يذكر الشعراء أصحاب الفلسفة والحكمة وغزارة النتاج إلا وقفز أسم أبي العلاء ليعلن عن موهبة حية لا تموت ولا تعرف الحبس والقيد ..
- المسلسل يتعرض لحياة أبي العلاء في شبابه لنتعرف على أسرته الكريمة العريقة أبوه ( عبد الله بن سليمان ) وأمه سيدة جليلة علمته الكثير ورعته واحسنت تربيته ..
ونرحل مع أبي العلاء في سفره الفكري والشعري متنقلين معه الى بعض مدن الشام التي زارها وأخذ من مثقفيها زاد الفكر والشعر والفلسفة .. ثم نرحل الى بغداد واقامته في زمن عصيب حكمه آل بويه بالفعل وحكمه بنو العباس بالأسم وبغداد مركز الأدب والشعر والفكر وفيها شعراء وفقهاء عاشرهم أبو العلاء أو خالفهم أو أخذ منهم واخذوا منه مثل الشريفين الرضي والمرتضى والشاعر مهيار الديلمي والأديب ابو حامد الأسفراييني وقد تكون هذه الفترة فترة زرع صعب الإنبات جاء ثمره لاحقا حين عاد ابو العلاء متعبا الى المعرة وحيدا ماتت أمه وهو في بغداد وانشغل أخوه بحياته الخاصة ..
في محبسه داخل بيته بدء رحلة التأليف الخطير فجاء ديوان اللزوميات وكتاب رسالة الغفران ومعركة الملائكة والفصول والغايات وغيرها ….
وقد واجه شاعرنا حادثا كبيرا في تلك الفترة حين تم حصار المعرة من قبل أسد الدولة أمير حلب الذي أراد اقتحامها والتنكيل بأهلها لكن هذا الحصار انتهى بموقف واحد هو خروج أبي العلاء من حبسه في بيته بناء على – إلحاح الناس- وذهابه الى خارج السور ليطلب من أسد الدولة صالح بن مرداس أن يعود بجيشه ويترك المعرة واهلها بسلام ونظراً لمكانة أبي العلاء الكبيرة ينسحب صالح بن مرداس خجلاً ..
وهذه احسن خاتمة ينهي بها شاعرنا حياته التي دامت اكثر من ثمانين سنة
– في المسلسل كثير من الشخصيات والأحداث والمواقف التي تجعل العمل يتنامى ويتصاعد دراميا وفكريا كاشفا مرحلة خطرة مرت بها امتنا العربية في زمن الضعف وتفرق الكلمة ..